الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن العربي: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ} فِيهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ سِتَّةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ: كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَالتِّرْمِذِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ، فَصَنَعَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أُمِّي حَيْسًا، فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ، وَقَالَتْ لِي: يَا أَنَسُ اذْهَبْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْ: بَعَثَتْ بِهِ إلَيْك أُمِّي، وَهِيَ تُقْرِئُك السَّلَامَ، وَتَقُولُ لَك: إنَّ هَذَا لَك مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَذَهَبْت بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُلْت: إنَّ أُمِّي تُقْرِئُك السَّلَامَ وَتَقُولُ لَك: إنَّ هَذَا لَك مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ضَعْهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا، وَمَنْ لَقِيت وَسَمَّى رِجَالًا فَدَعَوْت مَنْ سَمَّى، وَمَنْ لَقِيت.قَالَ: قُلْت لِأَنَسٍ: عَدَدُكُمْ كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ.فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَنَسُ هَاتِ التَّوْرَ قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلَأَتْ الصُّفَّةُ وَالْحُجْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِيَتَحَلَّقْ عَشْرَةٌ عَشْرَةٌ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ إنْسَانٍ مِمَّا يَلِيهِ قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا قَالَ: فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ، حَتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ قَالَ: قَالَ لِي: يَا أَنَسُ، ارْفَعْ قَالَ: فَرَفَعْت، فَمَا أَدْرِي حِينَ وَضَعْت كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْت قَالَ: وَجَلَسَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ يَتَحَدَّثُونَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إلَى الْحَائِطِ، فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَعَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ، فَابْتَدَرُوا الْبَابَ، وَخَرَجُوا كُلُّهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَرْخَى السِّتْرَ، وَدَخَلَ، وَأَنَا جَالِسٌ فِي الْحُجْرَةِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى خَرَجَ عَلَيَّ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ} إلَى آخِرِ الْآيَةِ.قَالَ أَنَسٌ: أَنَا أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِهَذِهِ الْآيَاتِ، وَحُجِبَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.الثَّانِي: رَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْت آكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْسًا، فَمَرَّ عُمَرُ فَدَعَاهُ، فَأَكَلَ، فَأَصَابَ أُصْبُعُهُ أُصْبُعِي، فَقَالَ حِينَئِذٍ: لَوْ أُطَاعُ فِيكُنَّ مَا رَأَتْكُنَّ عَيْنٌ؛ فَنَزَلَ الْحِجَابُ.الثَّالِثُ: مَا رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ، يَتَبَرَّزْنَ فِيهِ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اُحْجُبْ نِسَاءَك، فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي، وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَاك يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَ الْحِجَابُ.الرَّابِعُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أُمِرَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؛ إنَّك تَغَارُ عَلَيْنَا وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}.الْخَامِسُ: رَوَى قَتَادَةُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَكَلُوا وَأَطَالُوا الْحَدِيثَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ، وَيَسْتَحْيِي مِنْهُمْ، وَاَللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ.السَّادِسُ: رَوَى أَنَسٌ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ نِسَاءَك يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ؛ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَذِهِ الرِّوَايَاتُ ضَعِيفَةٌ إلَّا الْأُولَى وَالسَّادِسَةَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَبَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْحِجَابَ نَزَلَ يَوْمَ الْبِنَاءِ بِزَيْنَبِ، وَلَا يَصِحُّ مَا ذُكِرَ فِيهِ.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {بُيُوتَ النَّبِيِّ} صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُ الرَّجُلِ إذْ جَعَلَهُ مُضَافًا إلَيْهِ.فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}.قُلْنَا: إضَافَةُ الْبُيُوتِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إضَافَةُ مِلْكٍ، وَإِضَافَةُ الْبُيُوتِ إلَى الْأَزْوَاجِ إضَافَةُ مَحَلٍّ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا الْإِذْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِذْنُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ يُؤْذِي أَزْوَاجَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبَيْتُ بَيْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَقُّ حَقَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضَافَهُ إلَيْهِ.وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ كُنَّ يَسْكُنَّ فِيهَا، هَلْ هُنَّ مِلْكٌ لَهُنَّ أَمْ لَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَتْ مِلْكًا لَهُنَّ بِدَلِيلِ أَنَّهُنَّ سَكَنَّ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى وَفَاتِهِنَّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَ لَهُنَّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ.وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ هِبَةً، وَإِنَّمَا كَانَ إسْكَانًا، كَمَا يُسْكِنُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ، وَتَمَادَى سُكْنَاهُنَّ بِهَا إلَى الْمَوْتِ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا لِأَنَّ عِدَّتَهُنَّ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِمَوْتِهِنَّ، وَإِمَّا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَى ذَلِكَ لَهُنَّ مُدَّةَ حَيَاتِهِنَّ، كَمَا اسْتَثْنَى نَفَقَاتِهِنَّ بِقَوْلِهِ: «مَا تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ عِيَالِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ».فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةً بَعْدَ نَفَقَةِ الْعِيَالِ؛ وَالسُّكْنَى مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَاتِ، فَإِذَا مُتْنَ رَجَعَتْ مَسَاكِنُهُنَّ إلَى أَصْلِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَرُجُوعِ نَفَقَاتِهِنَّ.وَالدَّلِيلُ الْقَاطِعُ لِذَلِكَ أَنَّ وَرَثَتَهُنَّ لَمْ يَرِثُوا عَنْهُنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَاكِنُ مِلْكًا لَهُنَّ لَوَرِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُنَّ عَنْهُنَّ، فَلَمَّا رُدَّتْ مَنَازِلُهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي تَعُمُّ مَنْفَعَتُهُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سُكْنَاهُنَّ إنَّمَا كَانَتْ مَتَاعًا لَهُنَّ إلَى الْمَمَاتِ، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا فِي مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ} وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْإِذْنِ وَأَحْكَامِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ.الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: {إلَى طَعَامٍ} يَعْنِي بِهِ هَاهُنَا طَعَامَ الْوَلِيمَةِ، وَالْأَطْعِمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَشْرَةٌ: الْمَأْدُبَةُ، وَهِيَ طَعَامُ الدَّعْوَةِ كَيْفَمَا وَقَعَتْ.طَعَامُ الزَّائِرِ التُّحْفَةُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ النُّزُلُ.وَطَعَامُ الْإِمْلَاكِ الشَّدْخِيَّةُ، وَمَا رَأَيْته فِي أَثَرٍ، إلَّا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّجَاشِيَّ لَمَّا عُقِدَ نِكَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمِّ حَبِيبَةَ عِنْدَهُ قَالَ لَهُمْ: لَا تُفَرِّقُوا الْأَطْعِمَةَ.وَكَذَلِكَ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ تَفْعَلُ، وَبَعَثَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَةِ.طَعَامُ الْعُرْسِ: الْوَلِيمَةُ.طَعَامُ الْبِنَاءِ: الْوَكِيرَةُ.طَعَامُ الْوِلَادَةِ: الْخُرْسُ.طَعَامُ سَابِعِهَا: الْعَقِيقَةُ.طَعَامُ الْخِتَانِ: الْإِعْذَارُ: وَيُقَالُ: الْعَذِيرَةُ.طَعَامُ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ: النَّقِيعَةُ.طَعَامُ الْجِنَازَةِ: الْوَضِيمَةُ.وَهُنَاكَ أَسْمَاءٌ تُعَدُّ هَذِهِ أُصُولُهَا الْمَعْلُومَةُ.وَالْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: إلَى طَعَامٍ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَرِيمَ إذَا دَعَا إلَى مَنْزِلِهِ أَحَدًا لِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُقَدِّمَ إلَيْهِ مَا حَضَرَ مِنْ طَعَامٍ وَلَوْ تَمْرَةً أَوْ كِسْرَةً، فَإِذَا تَنَاوَلَ مَعَهُ مَا حَضَرَ كَلَّمَهُ فِيمَا عَرَضَ.الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ} مَعْنَاهُ غَيْرَ مُنْتَظِرِينَ وَقْتَهُ، وَالنَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَنْظِرُ، وَالْإِنَى هُوَ الْوَقْتُ.وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.المعنى: لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ فِي الدُّخُولِ، أَوْ يُطْعِمَكُمْ طَعَامًا حَاضِرًا، لَا تَنْتَظِرُونَ نُضْجَهُ، وَلَا تَرْتَقِبُونَ حُضُورَهُ، فَيَطُولُ لِذَلِكَ مُقَامُكُمْ، وَتَحْصُلُونَ فِيمَا كَرِهَ مِنْكُمْ.الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا} الْمَعْنَى اُدْخُلُوا عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ، وَحِفْظِ الْحَضْرَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ الْمُبَاسَطَةِ الْمَكْرُوهَةِ.وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: إذَا دُعِيتُمْ فَأُذِنَ لَكُمْ فَادْخُلُوا، وَإِلَّا فَنَفْسُ الدَّعْوَةِ لَا تَكُونُ إذْنًا كَافِيًا فِي الدُّخُولِ.الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ} هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّيْفَ يَأْكُلُ عَلَى مِلْكِ الْمُضِيفِ، لَا عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ} فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَكْلِ، وَلَا أَضَافَ لَهُ سِوَاهُ، وَبَقِيَ الْمِلْكُ عَلَى أَصْلِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ.الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: {فَانْتَشِرُوا} الْمُرَادُ: تَفَرَّقُوا.مِنْ النَّشْرِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُفْتَرَقُ.وَالْمُرَادُ إلْزَامُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَكْلِ.وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الدُّخُولَ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا جَازَ لِأَجْلِ الْأَكْلِ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَكْلُ زَالَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ، وَعَادَ التَّحْرِيمُ إلَى أَصْلِهِ.الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْلُهُ: {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} الْمَعْنَى: لَا تَمْكُثُوا مُسْتَأْنِسِينَ بِالْحَدِيثِ، كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ، وَلَكِنَّ الْفَائِدَةَ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ دُخُولٌ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} وَالْإِذَايَةُ كُلُّ مَا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى النَّاسِ، لاسيما إذَايَةٌ يَكْرَهُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بَلْ أَلْزَمَ الْخَلْقَ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَكْرَهُونَ، إرْضَاءً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَالْمَعْنَى: مَنَعْنَاكُمْ مِنْهُ لِإذَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ الْمَنْعَ مِنْ الدُّخُولِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَالْمُقَامَ بَعْدَ كَمَالِ الْمَقْصُودِ مُحَرَّمًا فِعْلُهُ، لِإذَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَالْمُحَرَّمَاتُ فِي الشَّرْعِ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهَا مُعَلَّلٌ، وَمِنْهَا غَيْرُ مُعَلَّلٍ؛ فَهَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّلَةِ بِالْعِلَّةِ، وَهِيَ إذَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاَللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ} وَقَدْ بَيَّنَّا الْحَيَاءَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وَمَعْنَاهُ هَاهُنَا فَيُمْسِكُ عَنْ كَشْفِ مُرَادِهِ لَكُمْ، فَيَتَأَذَّى بِإِقَامَتِكُمْ، عَلَى مَعْنَى التَّعْبِيرِ عَنْ الشَّيْءِ بِمُقَدِّمَتِهِ، وَهُوَ أَحَدُ وُجُوهِ الْمَجَازِ، أَوْ بِفَائِدَتِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي، أَوْ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ وَهُوَ الثَّالِثُ.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} وَفِي الْمَتَاعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: عَارِيَّةٌ.الثَّانِي: حَاجَةٌ.الثَّالِثُ: فَتْوَى.الرَّابِعُ: صُحُفُ الْقُرْآنِ.وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَذِنَ فِي مُسَاءَلَتِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فِي حَاجَةٍ تَعْرِضُ أَوْ مَسْأَلَةٍ يُسْتَفْتَى فِيهَا؛ وَالْمَرْأَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ؛ بَدَنُهَا وَصَوْتُهَا، فَلَا يَجُوزُ كَشْفُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ، كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، أَوْ دَاءٍ يَكُونُ بِبَدَنِهَا، أَوْ سُؤَالِهَا عَمَّا يَعِنُّ وَيَعْرِضُ عِنْدَهَا.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} الْمَعْنَى: أَنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلرِّيبَةِ، وَأَبْعَدُ لِلتُّهْمَةِ، وَأَقْوَى فِي الْحِمَايَةِ.وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَثِقَ بِنَفْسِهِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ؛ فَإِنَّ مُجَانَبَةَ ذَلِكَ أَحْسَنُ لِحَالِهِ، وَأَحْصَنُ لِنَفْسِهِ، وَأَتَمُّ لِعِصْمَتِهِ.الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} وَهَذَا تَكْرَارٌ لِلْعِلَّةِ، وَتَأْكِيدٌ لِحُكْمِهَا؛ وَتَأْكِيدُ الْعِلَلِ أَقْوَى فِي الْأَحْكَامِ.الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِهِ؛ فَقَدْ خُصَّ بِأَحْكَامٍ، وَشَرُفَ بِمَعَالِمَ وَمَعَانٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ، تَمْيِيزًا لِشَرَفِهِ، وَتَنْبِيهًا عَلَى مَرْتَبَتِهِ.وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَنَّ آيَةَ الْحِجَابِ لَمَّا نَزَلَتْ قَالُوا: يَمْنَعُنَا مِنْ بَنَاتِ عَمِّنَا؛ لَئِنْ حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ لَنَتَزَوَّجَنَّ نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ.وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَئِنْ مَاتَ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَصَانَ خَلْوَةَ نَبِيِّهِ، وَحَقَّقَ غَيْرَتَهُ، فَقَصَرَهُنَّ عَلَيْهِ، وَحَرَّمَهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ.وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَالِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: هَلْ بَقِينَ أَزْوَاجًا أَوْ زَالَ النِّكَاحُ بِالْمَوْتِ؛ وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ زَالَ بِالْمَوْتِ، فَهَلْ عَلَيْهِنَّ عِدَّةٌ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ زَوْجُهُنَّ، وَهِيَ عِبَادَةٌ.وَقِيلَ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ تَرَبُّصٍ لَا يُنْتَظَرُ بِهَا الْإِبَاحَةُ.وَبِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ أَقُولُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ عِيَالِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي صَدَقَةٌ».وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ: «مَا تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي» وَهَذَا اسْمٌ خَاصٌّ بِالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ النَّفَقَةَ مُدَّةَ حَيَاتِهِنَّ، لِكَوْنِهِنَّ نِسَاءَهُ.وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي».وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ.وَمَعْنَى إبْقَاءِ النِّكَاحِ بَقَاءُ أَحْكَامِهِ مِنْ تَحْرِيمِ الزَّوْجِيَّةِ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى؛ إذْ جُعِلَ الْمَوْتُ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغِيبِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، لِكَوْنِهِنَّ أَزْوَاجًا لَهُ قَطْعًا، بِخِلَافِ سَائِرِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَعْلَمُ كَوْنَهُ مَعَ أَهْلِهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، فَرُبَّمَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالْآخَرُ فِي النَّارِ، فَبِهَذَا الْوَجْهِ انْقَطَعَ السَّبَبُ فِي حَقِّ الْخَلْقِ، وَبَقِيَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} يَعْنِي إذَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نِكَاحَ أَزْوَاجِهِ، فَجُعِلَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ، وَلَا ذَنْبَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَحْوَالَ عَظَائِمِ الذُّنُوبِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ وَالْمُشْكِلَيْنِ فِي أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ. اهـ..قال الماوردي: قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامُنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ إلاَّ أَن يُؤذَنَ لَكُمْ}.سبب نزل هذه الآية:ما رواه أبو نضرة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بنساء من نسائه وعندهن رجال يتحدثون، فكره ذلك وكان إذا كره الشىء عُرف من وجهه فلما كان العَشي خرج فصعد المنبر فتلا هذه الآية.قوله عز وجل: {إِلَى طَعَامِ غَيْرَ نَاظِرينَ إِنَاهُ} فيه تأويلان:أحدهما: غير منتظرين نضجه، قاله الضحاك ومجاهد.الثاني: غَيْرَ متوقعين لحينه ووقته، قاله قتادة.{وَلكِن إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ} فدل هذا على حظر الدخول بغير إذن.{فَإذَا طَعِمْتُمْ فآنتَشِرُواْ} أي فاخرجوا، فدلّ على أن الدخول للأكل يمنع من المقام بعد الفراغ من الأكل.{وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} روى أبو قلابة عن أنس. قال: لما أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زينبُ بنت جحش وضع طعامًا ودعا قومًا فدخلوا وزينب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يتحدثون وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع وهم قعود فأنزل الله تعالى: {فَإذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُواْ}.
|